ها هي المرأة تتصدر المشهد الإجتماعي العام في كل المجالات تقريبًا في حياتنا، مما يجعل لها الدور البارز في تحقيق الرخاء والإصلاح والصلاح، ولن يكون هذا الدور بارزًا إلا إذا عملنا على إعداد المرأة الصالحة الفعّالة الإيجابيّة المُبَادِرَة، والتي تقوم بدورِها -بعد ذلك- على إعداد ما نطلبه من الرجال والأبطال.
ودَوْرُ المرأةِ في أي مجتمع دور أساس في نمو المجتمعات ونهضتها، لماذا؟ لأَنَّ من خِلالِهَا تنبثق كُلّ القيم الفاضلة، وهي التي تضع الجزء الأكبر من اللبنَات الأساسيَّة في المجتمع، لكونِها المُرَبيَة الأولى للأجيال، وتمتلك سلاح التأثير القوي في غريزة الأمومة الفطريّة.
* مسئولية المرأة في صناعة الأبطال:
لا شكّ أننا بحاجة -بعد رياح التغيير، في العالم العربي- إلى نساء يحملن على عواتقهن مسئولية تربية وإعداد الأبطال، على نهج الإسلام العظيم، الذي عمل وما زال يعمل على إخراج الأبطال.
والملاحَظ تاريخيًّا أنَّ المرأة كانت وستظل هي الركن الرئيس في صناعة الرجال وإعداد الأبطال، فما يغيب عن الذهن السيدة العظيمة صفية عمة رسول الله وقد ربّت الزبير بن العوام -ولدها- على الجهاد والإستشهاد، وأسماء بنت أبي بكر وقد ربَّت ولدها عبدالله بن الزبير على حُبِّ الفداء مع الإخلاص.
ولم تكن هذه الصناعة للأبطال صناعة إسلامية فحسب، بل كانت صناعة عربية قديمة، فهذه هند بنت عتبة، قبل الإسلام وكانت تربي ولدها معاوية بن أبي سفيان على القيادة والزَّعامَة والبُطُولة.
والأُمّ العربيّة من سلالة عريقة رائدة قائدة، تحتاج إلى عدة صفات لتؤهّل لإعداد الأبطال، وحتى نصل إلى هذه المرحلة، دعونا نقسّم المسألة إلى شقين، شق خاص بإعداد المرأة القائدة المربية، وشق خاص بدورها هي في إعداد هذا النوع من الأبطال القادة الفاتحين.
صلاح المرأة نفسها أولاً:
لا شكّ أن فاقد الشيء لا يعطيه، فإذا كانت المرأة تفتقد مؤهلات قيادتها وتربيتها للجيل فكيف تعطي وتمنح غيرها كل الصفات الحسنة، ولقد إهتم الأعداء بإفساد المرأة في كل ناحية ومجال، والتاريخ الحديث يحدثنا بذلك.
يذكر العلماء أن الإستعمار الفرنسي لما دخل الجزائر، وجد مقاومةً شديدة من الشعب الجزائري، ووقفوا في حيرة ماذا يفعلون؟ فهداهم تفكيرُهم إلى الإستعانة بأحد أساتذة الإجتماع في فرنسا، ويدعى روجيه مونييه، وطلبوا منه أن يجد لهم حلاًّ وطريقةً يتمُّ من خلالها القضاءُ على المقاومة الجزائرية، فغاب الرجل فترة متنقلاً بين شرائح المجتمع الجزائري، ثم قال لهم: المرأة الجزائرية، فقالوا له: سألناك عن طريقة تجدها للقضاء على المقاومة، ولم نسألك عن النساء، فقال لهم روجيه مونييه: المرأة الجزائرية هي السبب الرئيس في المقاومة التي تجدونها، فهي ترضع طفلها مع لبن ثديها حبَّ الإسلام، والتضحية من أجله، والجهاد في سبيل الله، فإذا أردتم أن تقضوا على هؤلاء الناس، فعليكم إفساد هذه الأم، إجعلوها تفكر في أشياء أخرى، إخلقوا التناقض بينها وبين الرجل، وهذا ما فعله أعداء الإسلام...
إذًا كيف نعدّ المرأة القائدة صانعة الأبطال؟
وأتصور أن هناك أشياء يجب أن تتوفر في الإعداد لها ومنها الآتي:
1= التربية الحسنة، بأن يجيد الأب تربية إبنته وأن يصبر عليها وأن يتحمل قسوة تربيتها، وأن يتذكر أنه بهذه التربية الحسنة والصبر عليها يعد جيلا كاملا وأمة كاملة رائدة بإذن الله.
2= حسن إختيار الإسم، بأن يتخيّر الأب لابنته إسمًا حسنًا تستطيع من خلاله أن تتباهى به بين الناس، وهذا حقها في صغرها، وإلا عوقب الأب على إساءة إختيار الإسم، فمن حسن التربية أن يتخيّر الأب لأبنائه الأسماء الطيبة، والأم الصالحة المربية.
3= حسن إختيار المعلِّم، لابد للأبوين أن يهتما بالإعداد العلمي للبنت، فهي التي تبقى فترة طويلة مع الأبناء، بينما الآباء مشغولون بالأعمال والوظائف والمهن المختلفة، فعلموهن الدين والقراءة والكتابة وفنون المذاكرة والتميز، وليكن من بينهن عائشة ونفيسة العلم وغيرهن.
4= حسن إختيار الصحبة، وهي جارية، طفلة صغيرة يجب أن تتخيّر لها صديقاتها، لأن منهن تتعلّم وتكتسب الكلمات والألفاظ وعلى قدر ما ستأخذه منهن ستعطيه لغيرها لاسيما لأبنائها وبناتها فيما بعد.
5= حسن إختيار الزوج، فوليّ أمر المرأة مسئول عن حسن إختيار الزوج، فإذا جاءه الرجل الديّن صاحب الخُلُق، العفيف، الذي يستطيع أن يحفظ أهله وولده فليزوجها على خير له، وليتق الله ربه، فإن لم يفعل فقد أفسد في الأرض وإثمه خطير عند الله.
6= حسن تبعّلها لزوجها، فمن حُسْن إعداد المرأة أيضًا أن تحسن تبعّلها لزوجها، فمنها يستقي الأبناء والبنات طريقة التعامل وأن تتعامل بما جاء به الإسلام، والله يعطيها الجنة تدخل من أي أبوابها شاءت ما حفظت فرجها وصامت شهرها وأحسنت تبعّلها لزوجها.
7= عبادتها وعلاقتها بربها، لابد من الاهتمام بالبنت والمرأة في الجانب التعبدي، بأن يتم إعانتها على طاعة ربها والحفاظ على صلواتها وسؤالها والصبر عليها، قال تعالى: {وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها، لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى}.
الكاتب: أ. عادل عبد الله هندي.
المصدر: موقع المستشار.